لَعب العلماء العرب دورًا بارزًا في تحقيق إنجازات هائلة امتدت عبر العصور في مختلف المجالات حيث لم يقتصر تأثيرهم على الماضي فقط بل استمر إسهامهم حتى يومنا هذا فقد كانت لهم بصمات واضحة في تطوير العلوم وإثراء المعرفة بمؤلفات علمية قيمة أسهمت في تقدم البشرية ومن بين الشخصيات البارزة التي تركت أثرًا عميقًا في الساحة العلمية يَأتي العالم المصري أحمد زويل.
البحث في سِيَر رواد سابقين في أحد المجالات
يُعَدُّ الدكتورُ أحمد زويل من الأسماء اللامعة في مصر والعالَم العربي فقد برزت إسهاماته المتميزة في مجال كيمياء الفيمتو والتي نال عنها العديد من الجوائز والتكريمات.
ومن أبرز ابتكاراته تطوير الميكروسكوب الذي يُتيح رصد حركة الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائي في مدة لا تتجاوز جزءًا من فيمتو ثانية باستخدام أشعة الليزر وقد سجّل هذا الإنجاز اسمه كأول عالم مصري وعربي يَفوز بجائزة نوبل في الكيمياء.
البدايات الأولى للعالم أحمد زويل
وُلد أحمد حسن زويل في مصر وحمل جنسيتها ونشأ وترعرع وسط أسرته وقضى فيها مراحل طفولته وتعليمه الأولى حتى حصل على درجة الماجستير ثم حصل على فرصة للانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال منحة دراسية تقديرًا لإسهاماته البارزة في الكيمياء والتي تركت بصمة واضحة في هذا المجال فقد:
- وُلِد في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة في 26 فبراير 1946م.
- قضى سنوات الطفولة في مدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ بعدما انتقل إليها مع عائلته عند بلوغه الرابعة من العمر.
- أكمل مراحل تعليمه الأساسي والثانوي في مدينة دسوق.
- حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم من جامعة الإسكندرية بتفوق حيث تخرج بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف في تخصص الكيمياء عام 1967م.
- بعد تخرجه التحق بالعمل في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية كمُعيد قبل أن يُكمل دراسته ويُحصل درجة الماجستير في علم الضوء.
- ارتبط بالدكتورة ديمة الفحام وأنجبا معًا أربعة أبناء.
مسيرته العلمية وإنجازاته الأكاديمية
بعدما نال أحمد زويل درجة الماجستير من جامعة الإسكندرية في مصر واصل تقدمه الأكاديمي بحصوله على منحة دراسية مكنته من الانتقال إلى الولايات المتحدة حيث بدأ رحلة علمية حافلة بالإنجازات:
- حصل على درجة الدكتوراه في علوم الليزر من جامعة بنسلفانيا خلال الفترة بين 1969 و1974.
- باشر عمله البحثي في جامعة كاليفورنيا سنة 1974 وبعد مرور عامين انضم إلى معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا حيث أصبح جزءًا من فريق بحثي رائد.
- بلغ قمة الهرم الأكاديمي في الولايات المتحدة بتوليه منصب الأستاذية في علم الكيمياء بجامعة كالتك التي تُعد واحدة من أبرز المؤسسات البحثية عالميًا.
- نال الجنسية الأمريكية عام 1982 فازدادت شهرته نتيجة أبحاثه العلمية التي أحدثت تحولًا كبيرًا في مجاله.
- ذاع صيته كمؤسس علم “كيمياء الفيمتو” حتى أصبح يُلقب بـ”أبو كيمياء الفيمتو” نظرًا لإسهاماته المؤثرة في هذا التخصص.
- وقع عليه الاختيار عام 2009 ليكون ضمن مجلس مستشاري الرئيس الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا وهو مجلس يضم 20 عالمًا من بين الأبرز على مستوى العالم.
إسهامات العالم أحمد زويل في المجال العلمي
حين نتحدث عن الشخصيات الرائدة في المجال العلمي لا بد أن نُشير إلى العالِم المصري الأمريكي أحمد زويل الذي أحدث نقلة نوعية في علم الكيمياء وأسهم بشكل جوهري في تطوير علم كيمياء الفيمتو ثانية حيث ترك بصمات بارزة في هذا التخصص وأسهم في تغيير الكثير من المفاهيم العلمية ومن أبرز إنجازاته:
- نشر أكثر من 350 بحثًا علميًا في كبرى المجلات العلمية العالمية ومن بينها مجلة نيتشر ومجلة ساينس ليُضيف بذلك إسهامات مؤثرة في مجالات الكيمياء والفيزياء.
- حصل على مكانة مُتميزة بدخوله قائمة الشرف رقم 9 التي تضم 29 شخصية علمية بارزة من بينهم ألبرت أينشتاين وجرهام بيل مما يعكس مدى تأثير أبحاثه العلمية ودوره في تقدم العلوم.
- ابتكر نظام تصوير مُتطور يعمل بأشعة الليزر ويتمتع بسرعة فائقة حيث يُمكنه تتبع حركة الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية مما سمح بفهم التفاعلات في مستوى دقيق للغاية.
- قام بتحديد وحدة “الفيمتو ثانية” التي تعادل جزءًا من مليون مليار جزء من الثانية مما ساهم في قياس حركة الجزيئات بدقة غير مسبوقة في مجال الكيمياء الفيزيائية.
- أصدر 16 كتابًا علميًا تناول فيها موضوعات مُتنوعة ومن بين هذه الكتب “الطريق إلى جائزة نوبل” و”عصر العلم” و”حوار الحضارات” حيث وثّق فيها خبراته ورؤيته العلمية المُتقدمة.
- أسس مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر بهدف تقديم بيئة علمية متطورة لدعم البحث العلمي وإعداد كوادر علمية قادرة على الإسهام في تطور العلوم.
- كانت له مشاركات واسعة في كتابة المقالات العلمية المتخصصة في الكيمياء والفيزياء حيث قدم من خلالها رؤى وأفكارًا أثْرت مجال البحث العلمي وأسهمت في توسيع نطاق المعرفة في التخصصات العلمية الدقيقة.
التكريمات والجوائز التي نالها أحمد زويل
حين نتحدث عن العلماء الذين تركوا أثرًا خالدًا في مجال الكيمياء لا يمكن أن نغفل اسم الدكتور أحمد زويل الذي استطاع تحقيق إنجازات عظيمة أثمرت عن تكريمه بعدد كبير من الجوائز والأوسمة تقديرًا لمساهماته العلمية وهذه بعض الجوائز التي حصل عليها:
- أهداه الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1995م تقديرًا لإسهاماته في مجال البحث العلمي.
- نال جائزة نوبل في الكيمياء يوم 21 أكتوبر 1999م تكريمًا لاكتشافه تقنية تصوير التفاعلات الكيميائية باستخدام كاميرا تعمل بسرعة الفيمتو ثانية.
- حصل على جائزة ماكس بلانك، التي تعد واحدة من الجوائز العلمية المرموقة في ألمانيا، إضافة إلى جائزة هوكست الألمانية.
- كرّمته جامعة زيوريخ بمنحه جائزة كارس، التي تُعد أرفع جائزة علمية في سويسرا.
- حصل على جائزة الملك فيصل العالمية، التي تعتبر من الجوائز الرفيعة في مجالات العلوم المختلفة.
- نال مجموعة من الجوائز العلمية الأمريكية، منها جائزة وولش، وجائزة هاريون هاو، وأيضًا جائزة باك وتيني.
- كرّمته أكاديمية العلوم والفنون الملكية الهولندية بميدالية خاصة تكريمًا لإنجازاته العلمية غير المسبوقة.
- في عام 2005م، حصل على جائزة ألبرت أينشتاين العالمية للعلوم، التي تعد من أرقى الجوائز العلمية على مستوى العالم.
- مُنح قلادة النيل العظمى، التي تُعد أعلى وسام رسمي في جمهورية مصر العربية.
- في عام 2011م، منحته الولايات المتحدة الأمريكية قلادة بريستلي، التي تمثل أعلى تكريم أمريكي في مجال الكيمياء.
- في عام 2014م، نال درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة سيمون فريزار اعترافًا بإسهاماته المتميزة في ميدان البحث العلمي.
- حصل أيضًا على الدكتوراه الفخرية من جامعة الإسكندرية، والجامعة الأمريكية في القاهرة، بالإضافة إلى جامعة أوكسفورد.
تقدير العالم أحمد زويل ومسيرته الحافلة
ضمن الجهود المبذولة في مصر للاعتراف بعطاء العلماء وتكريم رموزها البارزة، حظي الدكتور أحمد زويل بتقدير كبير تقديرًا لإسهاماته العلمية المتميزة وحصوله على جائزة نوبل في الكيمياء، وقد تجسد هذا التقدير في عدة مظاهر:
- إطلاق اسمه على أحد الميادين الرئيسة في مدينة دسوق باعتبارها مسقط رأسه.
- إصدار هيئة البريد المصري طابعًا رسميًا يحمل صورته واسمه.
- تصميم تمثال يخلد ذكراه وإدراجه ضمن نصب تذكاري يضم شخصيات مصرية بارزة.
- إطلاق اسمه على أحد الصالونات الثقافية المقامة بدار الأوبرا المصرية.
- تسمية العديد من الشوارع والميادين في مختلف المحافظات المصرية باسمه تخليدًا لإسهاماته العلمية.
رحيل الدكتور أحمد زويل
رحيل الدكتور أحمد زويل وأثره في المجتمع العلمي فَقَدَ العالم واحدًا من أبرز العلماء في العصر الحديث حيث انتقل الدكتور أحمد زويل إلى رحمة الله يوم 2 أغسطس 2016 بعد صراع مع المرض عن عمر بلغ 70 عامًا خلال إقامته في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية وكان يُعاني من سرطان النخاع الشوكي قبل وفاته وفي يوم 7 أغسطس وُري جثمانهُ الثرى في جنازة عسكرية رسمية أُقيمت في مصر بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد من قيادات الدولة المصرية. المسيرة العلمية للدكتور أحمد زويل حفرت اسمها في سجلات البحث العلمي حيث شكلت إسهاماته في مجالي الكيمياء والفيزياء تحولًا نوعيًا في الدراسات الحديثة وأسهمت أبحاثه في فتح آفاق جديدة للعلماء والباحثين في مختلف أنحاء العالم.