القيم والسلوكيات المهنية تؤدي دورًا جوهريًا في حياة الأفراد داخل المجتمع إذ يُعد العمل عنصرًا أساسيًا للحياة يساهم في تمكين الإنسان من توفير احتياجاته وتحقيق الاستقرار المادي والمعنوي لذلك من الضروري أن نعمل على غرس هذه المبادئ منذ الصغر ونعمل على تنشئة الأطفال بطريقة تساعدهم على الاعتماد على أنفسهم وتنمية حس المسؤولية لديهم مع تعزيز قدرتهم على التعاون مع الآخرين والعمل بروح الفريق.
مقدمة حول القيم والسلوكيات المهنية
من الضروري أن يكون لدى كل فرد معرفة بالمفاهيم الأساسية قبل التعمق في موضوع القيم والسلوكيات المهنية حيث تسهم هذه المفاهيم في توضيح طبيعة بيئة العمل ومتطلباتها وتشمل ما يلي:
- العمل يُمثل الأسلوب الذي يعتمد عليه الإنسان لضمان حياة مستقرة وتلبية احتياجاته الأساسية.
- أي وظيفة يسعى إليها الفرد تتطلب منه أداء مهام معينة مقابل الحصول على أجر مالي وفي الوقت ذاته يساهم دوره في تعزيز الإنتاجية وتحقيق التطوير داخل المنشأة.
- سلوكيات وأخلاقيات العمل تشكل المبادئ التي يجب على كل موظف الالتزام بها، ومراجعتها بشكل مستمر للتأكد من مدى توافق تصرفاته مع معايير الأداء المهني المطلوبة.
- تنقسم السلوكيات المهنية إلى نوعين: سلوكيات إيجابية تساهم في تحقيق التقدم والنجاح وسلوكيات سلبية قد تؤدي إلى تراجع المؤسسة وإعاقة تحقيق أهدافها إذا لم يتم تداركها.
العوامل المؤثرة في سلوكيات بيئة العمل
توجد العديد من العوامل التي تؤثر على سلوك الموظفين داخل بيئة العمل حيث يكون لبعضها أثر إيجابي بينما قد تكون الأخرى ذات تأثير سلبي ومن بين أبرز هذه العوامل:
- القيم والمبادئ التي تعتمدها المؤسسة كأساس في تعاملها مع منسوبيها تؤثر بشكل مباشر على طريقة تصرفاتهم فكلما كانت المبادئ واضحة وعادلة ساهم ذلك في خلق بيئة عمل إيجابية أما في حال غياب هذه القيم أو عدم تطبيقها بعدالة فقد يؤدي ذلك إلى سلوكيات غير محبذة داخل المؤسسة.
- طريقة تعامل الموظفين مع بعضهم البعض ومع عملائهم تعكس المستوى العام للمؤسسة فحين يكون السلوك احترافياً وأخلاقياً ينعكس ذلك بشكل إيجابي على صورتها العامة بينما قد يؤدي السلوك السلبي أو غير الملائم إلى الإضرار بسمعتها لذلك فإن متابعة سلوك الأفراد داخل بيئة العمل من قبل المسؤولين تعد عاملاً مهماً في تحقيق النجاح المؤسسي.
- بما أن بيئة العمل تتأثر بالقيم والسلوكيات فلا يمكن تجاهل دور سياسات المؤسسة في تعزيز بيئة مهنية متزنة فكلما كانت السياسات المعتمدة واضحة وعادلة عززت روح التعاون بين الموظفين وساهمت في تحقيق الأهداف بشكل أكثر كفاءة.
- تحقيق هذه البيئة يستوجب وضع معايير ولوائح تنظيمية تضمن التزام كل العاملين داخل المؤسسة بهذه السياسات مما يسهم في تعزيز الاحترافية في الأداء.
- المستفيدون والعملاء الذين يتعاملون مع المؤسسة يلعبون دوراً مؤثراً في نجاحها فكلما زادت ثقتهم بها انعكس ذلك على استدامة نشاطها ونموها.
- مواكبة التطورات والتغيرات التكنولوجية تعد من العوامل الجوهرية التي تساعد في تعزيز كفاءة المؤسسة وتمكينها من تقديم خدمات أكثر تطوراً حيث يمكن للقدرة على التكيف مع المستجدات التقنية أن تعزز موقع المؤسسة في نطاق المنافسة وتساعدها على تحقيق استمرارية أكبر في سوق العمل.
أبرز السلوكيات الإيجابية في بيئة العمل
عند الحديث عن القيم المهنية وأخلاقيات العمل لابد من التركيز على السلوكيات الإيجابية التي يجب أن يتحلى بها كل موظف داخل المؤسسة والتي تتمثل في النقاط التالية:
- يجب على الموظف أن يتحلى بالأمانة والالتزام بالمواعيد سواء من حيث الحضور في الوقت المحدد أو فيما يتعلق بتسليم المهام المطلوبة في مواعيدها، وهذا يتطلب مستوى عالٍ من الانضباط والقدرة على تنظيم الوقت بطريقة فعالة.
- اتباع القوانين والإرشادات داخل بيئة العمل ضروري للحفاظ على سير العمل بشكل منظم وزيادة مستوى الإنتاجية لأن غياب الالتزام بهذه القواعد يؤدي إلى حدوث اضطرابات قد تؤثر سلبًا على الأداء العام للمؤسسة.
- من الأفضل أن يحرص الموظف على الإنصات الجيد أكثر من التحدث لأن الموظفين الذين يفرطون في الحديث غالبًا ما تكون إنتاجيتهم أقل، بينما أولئك الذين يركزون على أداء مهامهم بإتقان تكون نتائجهم أكثر كفاءة.
- التفوق المؤسسي يعتمد بشكل أساسي على وجود بيئة عمل تشجع على حرية التعبير وإفساح المجال أمام الموظفين لطرح آرائهم البنّاءة، مما يسهم في تحقيق التقدم وتطوير الأداء الوظيفي.
- الموظف المتميز هو الذي يسعى دائمًا لتحقيق الأهداف التي تسهم في نمو مؤسسته لأن الإخلاص والاجتهاد في أداء المهام يعكسان مدى كفاءة المؤسسة ويؤديان إلى تحقيق النجاح المطلوب.
تأثير السلوكيات السلبية على بيئة العمل
لكي تكون بيئة العمل مُنتجة وفعالة، لا بد من التزام جميع الأفراد بسلوكيات إيجابية تحفز على التعاون وترفع من مستوى الأداء إلا أن بعض التصرفات غير السليمة قد تؤدي إلى خلق أجواء متوترة وتؤثر بشكل مباشر على إنتاجية المؤسسة ومن أبرز هذه السلوكيات التي تؤثر سلبًا على بيئة العمل:
- عدم التزام الموظفين بالانضباط سواء في الحضور أو تسليم المهام المطلوبة ضمن المواعيد المحددة مما يُعطي انطباعًا بالتراخي وعدم المسؤولية وفي حال غياب رقابة إدارية صارمة تتابع أداء العاملين قد يؤدي ذلك إلى تأخير سير العمل ويؤثر في النهاية على كفاءة المؤسسة.
- غياب القدرة على الاستماع والتفاهم ووجود انقسامات بين أعضاء الفريق حيث يعترض بعض الأفراد على أي رأي جديد دون تقديم مبررات مقنعة وهذا يعكس وجود مشكلة في تقبل وجهات النظر المختلفة مما يخلق بيئة عمل غير صحية تحد من التعاون بين الزملاء وتضعف القدرة على تحقيق الأهداف المشتركة.
- ضعف التعاون وروح العمل الجماعي حيث يؤدي تمركز بعض الأفراد حول مصالحهم الشخصية إلى عرقلة تنفيذ المهام وتأخير الإنجازات إذ لا يمكن لأي فريق تحقيق النجاح دون التفاعل البناء وإذا استمرت هذه الظاهرة فقد تواجه المؤسسة تحديات كبيرة تحول دون الوصول إلى أهدافها الاستراتيجية.
- انتشار الأحاديث الجانبية والسلوكيات السلبية مثل التنمر أو الانتقادات اللاذعة غير المبررة بين الموظفين سواء فيما يخص الشكل أو أسلوب التعامل مما يدل على بيئة تفتقر للنضج المهني ويؤدي إلى خلق جو غير مريح للعمل قد يؤثر على معنويات الفريق ككل.
- ضعف التحفيز والتقدير سواء كان ذلك من خلال الحوافز المالية أو المعنوية بالإضافة إلى عدم تشجيع الزملاء لبعضهم البعض الأمر الذي قد يتسبب في فقدان الحماس تجاه العمل مما يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وانخفاض مستوى الأداء داخل المؤسسة.
- غياب الشفافية والتواصل الفعّال حيث لا يمتلك الموظفون الجرأة لمناقشة المشكلات التي تواجههم أو الاعتراف بالأخطاء بشكل صريح مما يخلق حالة من التوتر ويؤثر على العلاقات المهنية داخل المؤسسة ويسهم في انتشار الأجواء السلبية التي قد تُضعف تأثير ثقافة العمل الجماعي.
- عدم مراعاة مبادئ الاحترام بين الزملاء والعملاء سواء من خلال استخدام أسلوب غير لائق في الحديث أو التصرفات غير المهنية مما يؤدي إلى خلق بيئة تفتقر للانضباط ويسهم في تقليل كفاءة المؤسسة ولذلك يجب الحرص على وضع قواعد واضحة لضمان التزام الجميع باحترام الآخرين.
سبل الحد من الجوانب السلبية في بيئة العمل
السلوكيات الخاطئة داخل بيئة العمل تؤثر بشكل مباشر على الإنتاجية والعلاقات بين الموظفين والعملاء مما قد يعيق تحقيق أهداف المنشأة ولذلك فإن الحدّ من هذه المشكلات يتطلب اتباع عدد من الإجراءات الأساسية ومنها:
- لا بدّ من وضع لوائح وأنظمة واضحة لضمان محاسبة أي تجاوز يؤثر على بيئة العمل.
- يُفضل أن تتولى جهة إدارية متخصصة عملية الرقابة على سلوك الموظفين مع توجيههم عند ظهور أي تصرف غير مناسب.
- في حالات مخالفة القواعد يكون من الضروري تقديم تحذير رسمي وبأسلوب واضح قبل اللجوء لأي إجراء إداري صارم.
- تعزيز ثقافة الاعتذار بين أعضاء الفريق يُعد عاملاً مهماً، فإدراك الموظف لخطئه واعتذاره عنه يقلل من احتمالية تكرار المشكلة في المستقبل.
- ليس من الصواب الاستغناء عن الموظفين مباشرة لمجرد ارتكابهم أخطاء بل يُفضل العمل على تطويرهم وتصحيح سلوكهم لضمان استفادة المنشأة من قدراتهم وإمكاناتهم.
العوامل المؤثرة في نجاح المؤسسات والمنظمات
لتحقيق النجاح والاستمرارية في أي مؤسسة أو منظمة، لا بد من الالتزام بعدة مبادئ تساهم في تطوير الأداء وتعزيز الكفاءة، ومن أبرزها:
- توفير برامج تدريبية متكاملة للموظفين قبل مباشرة مهامهم، مما يضمن لهم فهماً واضحاً لطبيعة العمل ومتطلباته.
- تعريف العاملين بالمبادئ الجوهرية التي تحكم بيئة العمل، مع التأكيد على الالتزام بالأخلاقيات المهنية التي تضمن احترام القواعد وسير العمل بانضباط.
- وضع لوائح وأنظمة واضحة تنظم سير العمليات داخل المؤسسة، مع الحرص على مراقبة تنفيذها بدقة لضمان الالتزام بها من قبل جميع العاملين.
- الاستفادة من التطورات التكنولوجية الحديثة وتوظيفها في العمليات التشغيلية، لما لها من دور أساسي في رفع كفاءة الأداء وتقليل الأخطاء، خاصة مع التحول الرقمي الذي أصبح عاملاً رئيسياً في النجاح المؤسسي.
- تعزيز ثقافة العمل الجماعي وتشجيع التعاون بين الموظفين، إذ يساهم التواصل الفعال بين الأفراد في تحقيق نتائج أكثر كفاءة وخلق بيئة عمل متناغمة.
- تطبيق أنظمة تحفيزية تعتمد على تقديم مكافآت مالية ومعنوية للموظفين المتميزين، إذ يؤثر التقدير المباشر في رفع مستوى الحماس وتحفيزهم على بذل المزيد من الجهد.
- ضمان تحقيق العدالة بين الموظفين ومنع أي ممارسات تمييزية، مما يعزز من رضا العاملين ويقلل من المشكلات الداخلية التي قد تعيق الإنتاجية.
يعتمد نجاح أي منظمة بشكل أساسي على التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأولويات بكفاءة كما أن تعزيز بيئة تنظيمية قائمة على الالتزام والانضباط ينعكس بشكل مباشر على جودة الإنتاج والأداء العام لذا ينبغي على الإدارة التركيز على اختيار كوادر تتمتع بمهارات مهنية عالية وسلوكيات إيجابية فهم يشكلون الأساس في بناء بيئة عمل مستقرة وفعالة تعزز من استدامة النجاح المؤسسي.