ما هو الاكتتاب العام (IPO)؟ دليل المستثمر الشامل
الاكتتاب العام، أو الطرح العام الأولي (IPO)، هو العملية التي تقوم من خلالها شركة خاصة بطرح أسهمها للجمهور لأول مرة، مما يحولها إلى شركة مساهمة عامة، يسمح هذا الإجراء للشركة بجمع رأس مال كبير من مجموعة واسعة من المستثمرين لتغطية تكاليف التوسع أو تنفيذ مشاريع جديدة.
عندما تصبح الشركة عامة، تنتقل ملكيتها من عدد محدود من المؤسسين أو المستثمرين الأوائل إلى قاعدة أوسع من المساهمين، ينقسم هؤلاء المساهمون عادةً إلى فئتين:
- المساهمون الكبار: وهم غالبًا المؤسسون أو المستثمرون الرئيسيون الذين يحتفظون بحصة كبيرة تمنحهم السيطرة على قرارات الشركة وإدارتها.
- المساهمون الصغار: وهم الجمهور العام من المستثمرين الذين يمتلك كل منهم حصة صغيرة نسبيًا من أسهم الشركة.
يعد قرار الاكتتاب خطوة استراتيجية حاسمة في مسيرة أي شركة، حيث يوفر بديلاً فعالاً للحصول على قروض بنكية أو البحث عن مستثمرين استراتيجيين جدد لتمويل النمو.
لماذا تطرح الشركات أسهمها للاكتتاب العام؟
يُعد الاكتتاب العام محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي، حيث يمكّن من إطلاق مشاريع ضخمة قد لا يتمكن الأفراد من تمويلها بمفردهم، الهدف الرئيسي عادةً هو زيادة رأس مال الشركة، ولكن هناك فوائد أخرى هامة:
- جمع الأموال: هو السبب الأكثر شيوعًا، حيث يوفر الاكتتاب سيولة ضخمة لتمويل التوسع، أو سداد الديون، أو الاستثمار في البحث والتطوير.
- زيادة الوعي بالعلامة التجارية: يضع الاكتتاب الشركة تحت الأضواء، مما يعزز مكانتها في السوق ويجذب المزيد من العملاء والمواهب.
- توفير السيولة للمؤسسين: يتيح للمالكين الأوائل والمستثمرين تحويل جزء من حصصهم إلى نقد.
- الوصول المستمر للأسواق المالية: بعد الاكتتاب، يمكن للشركة جمع أموال إضافية بسهولة أكبر في المستقبل عبر عروض ثانوية.
- جذب أفضل الكفاءات: تصبح خيارات الأسهم والتعويضات القائمة على الأسهم أكثر جاذبية للموظفين المحتملين، مما يساعد في توظيف أفضل الخبرات.
وقد حققت شركات عالمية مثل فيسبوك وتويتر ومجموعة علي بابا (Ali Baba) الصينية نجاحًا هائلاً وثروات ضخمة بفضل الاكتتاب العام.
ما هي أنواع الاكتتاب؟
ينقسم الاكتتاب بشكل أساسي إلى نوعين رئيسيين بناءً على الجمهور المستهدف:
الاكتتاب العام (Public Offering)
يستهدف هذا النوع عامة الناس والمستثمرين الأفراد (الصغار)، في هذه الحالة، تطرح الشركة جزءًا من أسهمها لجمهور واسع، يحرص المؤسسون الأصليون (المستثمرون الكبار) على الاحتفاظ بحصة الأغلبية من الأسهم للحفاظ على سيطرتهم على إدارة الشركة وقراراتها، يتميز الاكتتاب العام بتعقيد إجراءاته التنظيمية نظرًا لتأثيره الاستثماري الواسع.
الاكتتاب الخاص (Private Placement)
يُعرف أيضًا بـ “الاكتتاب المغلق”، وهو موجه لمجموعة محددة ومحدودة من المستثمرين الكبار أو المؤسسات الاستثمارية، وليس لعامة الناس، غالبًا ما تلجأ إليه الشركات متوسطة الحجم التي لا تحتاج لجمع رؤوس أموال ضخمة، يتميز هذا النوع بسهولة إجراءاته مقارنة بالاكتتاب العام، وغالبًا ما يتم بين أطراف تعرف بعضها البعض مسبقًا.
دراسة حالة: اكتتاب شركة الحاسوب للتجارة
نبذة عن شركة الحاسوب
تأسست شركة الحاسوب عام 2008 وتُعد موزعًا رئيسيًا لأجهزة الكمبيوتر ومستلزماتها لعلامات تجارية عالمية مثل HP و DELL في المملكة العربية السعودية، خاصة في المنطقة الوسطى (الرياض، الخرج، القصيم)، تعتبر الشركة أيضًا من كبار موردي حلول الشبكات، وتدير عملياتها من خلال مقراتها المختلفة ومتجرها الإلكتروني المتكامل.
تفاصيل اكتتاب شركة الحاسوب
أعلنت شركة الحاسوب عن طرح 20% من إجمالي رأس مالها للاكتتاب العام للمستثمرين المؤهلين، وهو ما يمثل 280 ألف سهم، وقد أعلنت شركة دار التمويل، المستشار المالي للطرح، عن نجاح عملية بناء سجل الأوامر وتحديد سعر الطرح النهائي عند 95 ريالًا سعوديًا للسهم الواحد.
وصل إجمالي حجم تغطية الاكتتاب إلى 6.5 مليون سهم، بقيمة إجمالية تجاوزت 650 مليون ريال سعودي، تم تحديد الحد الأدنى للاكتتاب للمستثمر المؤهل بـ 10 أسهم، بينما بلغ الحد الأقصى 69,990 سهمًا.
بالتنسيق مع السوق المالية السعودية (تداول السعودية)، سيتم تحديد موعد إدراج أسهم شركة الحاسوب في السوق الموازية (نمو)، مع رد فائض الاكتتاب للمستثمرين في أكتوبر 2025.
ما هو الحكم الشرعي للاكتتاب في شركة الحاسوب؟
يعتمد الحكم الشرعي للاكتتاب في أي شركة على طبيعة نشاطها ومعاملاتها المالية، بناءً على آراء العديد من الفقهاء والمتخصصين، يعتبر الاكتتاب في شركة الحاسوب جائزًا شرعًا، لأن نشاطها الأساسي في تجارة الأجهزة الإلكترونية وصيانتها هو نشاط مباح.
مع ذلك، يجب على المستثمر التحقق من التزام الشركة بالشروط الشرعية التالية لضمان توافق استثماره مع أحكام الشريعة الإسلامية:
- أن يكون مجال عمل الشركة التي توجه استثمارك لها عن طريق الاكتتاب هو أمر مباح فلا يجوز الاكتتاب لدى شركة تقوم ببيع الخمور مثلًا وغيره من المحرمات.
- ألا تتعامل أنت أو تكون الشركة من الشركات التي تتعامل مع البنوك الربوية لأن الربا من المحرمات بآراء جميع فقهاء الدين الإسلامي وورد فيه أحاديث صحيحة وإذا لم تكن متيقنًا من ذلك الأمر فتركه أفضل والله أعلم.
- يجب ألا تكون الشركة تقيم علاقات أو شراكات مع شركات أخرى أو أعمال مع أفراد عملها قائم على المحرمات.
كيف تتم عملية الاكتتاب؟
تتضمن عملية الاكتتاب عدة خطوات رئيسية تتم بإشراف مستشار مالي ومتعهد تغطية (عادةً بنك استثماري)، يتعهد هذا البنك بشراء جميع الأسهم المطروحة بسعر محدد، ثم يتولى بيعها للمستثمرين مقابل رسوم معينة.
يقوم المستشار المالي ومتعهد التغطية بتقييم أصول الشركة ومستقبلها لتحديد السعر المبدئي للسهم وعدد الأسهم التي سيتم طرحها، بعد إتمام عملية الطرح، تحصل الشركة على العوائد المالية الناتجة عن بيع الأسهم في السوق الأولي، أي تداول لاحق للأسهم بين المستثمرين يتم في السوق الثانوي (البورصة)، ولا يعود دخله مباشرة إلى الشركة.
نقطة هامة: غالبًا ما تكون أسهم الاكتتابات الجديدة متقلبة في فترتها الأولى، لذلك، يتطلب الاستثمار فيها الصبر والتحليل الدقيق واتباع استراتيجية استثمارية واضحة.
أسئلة شائعة حول الاكتتاب العام
ما الفرق بين الاكتتاب (السوق الأولي) والسوق الثانوي؟
الاكتتاب يحدث في السوق الأولي، حيث تبيع الشركة أسهمها للمستثمرين مباشرة لأول مرة، أما السوق الثانوي (البورصة)، فهو المكان الذي يقوم فيه المستثمرون بشراء وبيع هذه الأسهم فيما بينهم بعد طرحها الأولي.
هل الاستثمار في الاكتتابات مربح دائمًا؟
لا، ليس دائمًا، بينما يمكن أن تحقق بعض الاكتتابات مكاسب كبيرة وسريعة، إلا أنها تحمل أيضًا مخاطر عالية، قد ينخفض سعر السهم عن سعر الطرح، مما يؤدي إلى خسائر، يعتمد النجاح على أداء الشركة وظروف السوق وعوامل أخرى كثيرة.
من هم المستثمرون المؤهلون؟
المستثمرون المؤهلون هم فئة محددة من المستثمرين (أفراد أو مؤسسات) تنطبق عليهم شروط معينة تحددها هيئة السوق المالية، مثل امتلاك أصول مرتفعة أو خبرة استثمارية كافية، مما يؤهلهم للاستثمار في أسواق معينة مثل السوق الموازية (نمو).
ما هو دور متعهد التغطية في الاكتتاب؟
متعهد التغطية (Underwriter)، وهو عادةً بنك استثماري، يلعب دورًا حيويًا في إدارة عملية الاكتتاب، فهو يساعد في تحديد سعر السهم، ويضمن بيع جميع الأسهم المطروحة (إما بشرائها مباشرة أو بإيجاد مشترين لها)، ويسوّق للطرح لدى المستثمرين المحتملين.