بحث عن معركة حطين كاملة

مَعركة حِطّين، التي اكتسبت اسمها من تلال حطين الواقعة في فلسطين، تُعد إحدى المحطات البارزة في التاريخ الإسلامي إذ شكّلت نقطة تحول مهمة في مسار الفتوحات الإسلامية والانتصارات العسكرية ويبحث الكثير عنها سواء من الطلاب المهتمين بدراستها ضمن المقررات التعليمية أو من عشاق التاريخ الإسلامي الذي شهد أحداثًا فاصلة كان لها أثر كبير في تشكيل ملامح المنطقة لذلك سيتم تناول كافة الجوانب المتعلقة بهذه المعركة بدءًا من الأسباب التي دفعت إلى وقوعها والدوافع الاستراتيجية التي كانت وراء اندلاعها مرورًا بتفاصيل مجرياتها وأبرز الوقائع التي حدثت خلالها وصولًا إلى نتائجها التي انعكست على الخارطة السياسية آنذاك.

بحث ودراسة حول معركة حطين

تُعد معركة حطين من أبرز المعارك الفاصلة التي أثرت بشكل كبير على مسار الصراع بين المسلمين والصليبيين وقد قادها الناصر صلاح الدين الأيوبي ضد أبرز قادة الجيش الصليبي مثل “رينو دي شاتيون” و”ريمون الثالث” و”غي دي لوزينيان” حيث كانت هذه المعركة نقطة تحول مهمة في ميزان القوى بين الجانبين.

  • وقعت المعركة يوم السبت الموافق 25 ربيع الثاني عام 583 هجري والذي يوافق 4 يوليو سنة 1187 ميلادي.
  • بلغ عدد جيش المسلمين 25 ألف مقاتل بينما تجاوز عدد الجيش الصليبي 63 ألف مقاتل ورغم هذا التفاوت العددي الكبير إلا أن المسلمين تمكنوا من تحقيق نصر عظيم بفضل التخطيط الدقيق والشجاعة القتالية حيث تم القضاء على نحو 30 ألف مقاتل من الصليبيين بينما تم أسر أغلب الناجين ولم يتمكن سوى عدد قليل من الإفلات.
  • دارت أحداث المعركة بالقرب من تلال حطين الواقعة بجوار قرية “المجاودة” حيث استطاع المسلمون تطويق جيش الصليبيين بالكامل مما أدى إلى استنزاف قواتهم وانهيار خطوطهم الدفاعية وكانت هذه المعركة سببًا رئيسيًا في استعادة المسلمين للقدس وتحرير معظم المناطق التي كانت تحت الاحتلال الصليبي.

العوامل المؤدية إلى اندلاع معركة حطين

عند استعراض الأحداث التاريخية التي سبقت معركة حطين نجد أن الحملة الصليبية أسفرت عن احتلال عدد كبير من الأراضي الإسلامية وكانت القدس في مقدمة المدن التي خضعت لهذا الاحتلال حيث بقيت تحت سيطرتهم لأكثر من مئة عام وقد قام الفرسان والإقطاعيون الذين رافقوا الحملة بتنصيب أنفسهم حكامًا وملوكًا على المناطق التي أخضعوها لحكمهم. القرار العسكري الذي اتخذه القائد صلاح الدين الأيوبي بشن حملة عسكرية لتحرير القدس كان نابعًا من عوامل واضحة ومحددة ومن أهم الأحداث التي أدت إلى اندلاع معركة حطين:

  • أحد قادة الفرسان الصليبيين المُلقب بـ “رينو دي شاتيلون” والذي أعلن نفسه أميرًا على القدس قام بشن اعتداءات متكررة على القوافل التجارية وقوافل الحجاج التي كانت تسلك الطريق بين مصر والشام باتجاه الحجاز رغم أن هناك هدنة كانت قد أُبرمت عام 1180 أي قبل معركة حطين بسبع سنوات.
  • تمركز رينو دي شاتيلون في حصن الكرك الذي أتاح له موقعه الاستراتيجي الإشراف على الطرق التجارية الرئيسية فاستغل ذلك لشن غارات متكررة على القوافل حيث قام بمهاجمة قافلة تجارية كبيرة كانت تتجه من القاهرة إلى دمشق ونهب محتوياتها وأسر جميع من كانوا على متنها.
  • عندما بلغ صلاح الدين نبأ هذا الاعتداء بادر بإرسال رسالة إلى ملك القدس يطالبه بالتدخل لإطلاق سراح الأسرى المسلمين وتعويض المتضررين عما لحق بهم من خسائر نتيجة أعمال النهب التي نفذها رينو دي شاتيلون بالإضافة إلى ضرورة معاقبته لكن الملك رفض التدخل ولم يتخذ أي إجراءات الأمر الذي جعل صلاح الدين يتخذ قراره النهائي بشن الحرب على الصليبيين مباشرة واستعادة القدس.

تسلسل وقائع معركة حطين بالتفصيل

وقعت معركة حطين في الخامس من يوليو عام 1187 ميلاديًا بين قوات صلاح الدين الأيوبي والصليبيين في موقع قريب من قرية حطين في منطقة الجليل شمال فلسطين.

بدأت المعركة عندما قرر قوات الفرنجة الخروج من مدينة صفورية لملاقاة قوات صلاح الدين. قادهم الملك غي دي لوزينيان وذلك بهدف التصدي للمسلمين واسترداد الأماكن المقدسة.

واجهت قوات الفرنجة مشاكل كبيرة بسبب نقص المياه والإمدادات حيث اضطروا للسير مسافة طويلة في الأراضي الحارة والقاحلة قبل أن يصلوا إلى مرتفعات حطين حيث حاصرهم جيش صلاح الدين.

قام الجيش الإسلامي بإشعال النيران في المناطق المحيطة مما زاد من معاناة الفرنجة بسبب الحر والدخان الذي غمرهم.

  • سُحب الفرنجة إلى النظام الدفاعي في شكل مربع خلال الليل.
  • قام الفرسان المسلمون بشن هجمات متواصلة لاستنزاف قوى الصليبيين وتقليل معنوياتهم.
  • تمكن المسلمون من الاستيلاء على الصليب المقدس وهو رمز مهم للفرنجة.
  • اختتمت المعركة بانتصار كامل لجيش صلاح الدين واستسلام العديد من القادة الصليبيين.
  • فتح هذا الانتصار الطريق لصلاح الدين لتحرير القدس من الصليبيين فيما بعد.

كان لمعركة حطين تأثير كبير في تاريخ الحروب الصليبية حيث أنها أعادت للمسلمين السيطرة على أجزاء كبيرة من الأراضي التي فقدوها سابقًا.

يعد الانتصار في حطين أحد أشهر الانتصارات في التاريخ الإسلامي وأدى إلى تحرير القدس واستعادة هيبة العالم الإسلامي في ذلك الوقت.

تَسَلسُل أَحداث مَعْرَكَة حِطّين بِالتَّفصيل

عند الحديث عن معركة حطين، يتضح أنها من أبرز المعارك التي خَطَّطَ لَها المُسْلِمون بِحِكْمة ودِقّة حيث أَعَدَّ صَلاح الدِّين الأَيّوبي خُطّةً استراتيجيّة ضَمِنَتْ الانتصار للمُسلِمين، رُغمَ التَّفَوُّقِ العَدَدِيّ لِلجُيوشِ الصَّلِيبِيَّة، وَتَمَثَّلَتْ أَهَمّ خُطُواتِ تَكْتيكاتِهِ العَسْكَرِيَّة فيما يَلي:

  • عَمِلَ الجُنودُ المُسلِمون على إضْرامِ النّارِ في الحَشائِشِ الجافّةِ والنّباتاتِ المُنْتَشِرَةِ في ميدانِ المَعْرَكَة، مِمّا زادَ مِن مَعاناةِ الجَيشِ الصَّلِيبِيّ.
  • اتَّبَعوا تَكْتيكَ المُحاصَرةِ والضَّغْطِ على الصَّليبِيِّينَ مِن خِلالِ قَطْعِ مَصادرِ المِياهِ عَنْهُم مِمّا أَدَّى إلى إضعافِهِم تدريجيًّا وإجبارِهِم على المُواجَهَةِ المُباشِرَة.
  • عِنْدَما وَصَلَ الجَيْشُ الصَّليبيُّ إلى السَّهْلِ المُمتَدِّ بين لُوبْيا وحِطّين، شَنَّ الجيش الإسلاميُّ هُجومًا عَنِيفًا عَليهِم، وَحِينَما حاوَلوا الفِرارَ نَحْوَ تِلالِ حِطّين، تَصاعَدَ وَقْعُ المَعْرَكة.
  • بَدَأَ المُسلِمون بِإحْكامِ الحِصارِ مِن كُلِّ الجِهاتِ حول تِلالِ حِطّين، وَاستمَرّ هذا الحِصارُ حتى المساءِ، لِيَتَوَقَّفَ القِتالُ مُؤَقَّتًا تَمهيدًا لاسْتِئْنافِه مع بُزوغِ فَجْرِ اليَوْمِ التّالي.
  • إرهاقُ الصَّليبيينَ وَمُعاناتُهُم مِن العَطَشِ خِلال اللَّيْلةِ السّابِقَةِ جَعَلَ الموقِفَ أكْثَرَ صُعُوبَةً عَليهِم، خُصوصًا مع اِسْتِمْرارِ القَذائِفِ والنِبالِ المُتَساقِطَةِ عَليهِم بِكَثافة.
  • اِسْتَخْدَمَ المُسلِمونَ السُّيُوفَ والرِّماحَ في المَراحِلِ الأخِيرَةِ مِن المُواجَهَة، الأمرُ الذي تَسَبَّبَ في انْهِيارِ تَرْكيبةِ الجَيْشِ الصَّليبيّ بِشَكلٍ كَبيرٍ.
  • حاوَلَ الصَّليبيونَ بِقيادة “ريمون الثالِث” حاكِمِ طرابُلُس، وَبِإِشرافِ “غي دي لوزينيان” مَلِكِ القُدْس، اِختِراقَ دِفاعاتِ المُسلِمين عَبرَ مُناوَرةٍ ظَنُّوا أنَّها سَتَسمحُ لَهُم بالفِرار، إلَّا أنَّ خِداعَ صَلاح الدِّين وَتَدابِيرهُ العَسكَريَّة جَعَلَتهُم يَقَعُونَ في فَخٍّ مُحكَمٍ أَدَّى إلى مُطوَّقَتِهِم بالكامِل.
  • استمرَّ القِتالُ لِمُدَّةِ سَبْعِ ساعاتٍ مُتَواصِلَة، وَأسْفَرَتِ المَعْرَكَةُ عَنْ أسْرِ ما يَزيدُ عَن ثَلاثينَ ألْفَ مُقاتِلٍ مِن الجَيْشِ الصَّليبيّ، بِالإِضافَة إلى سُقوطِ الآلافِ مِنَ القَتْلى، في حين أنَّ فِئَةً صَغيرةً فَقَط هَرَبَت نَحْوَ مدينةِ صور لِلإِحْتِماءِ بِها.

الآثار المترتبة على معركة حطين

عند التطرق إلى تفاصيل معركة حطين والتخطيط العسكري الدقيق الذي اتبعه القائد صلاح الدين الأيوبي، يتضح مدى الأهمية الاستراتيجية التي حملتها هذه المواجهة حيث تمكن الجيش الإسلامي رغم قلة عدده وعتاده من تحقيق نصر حاسم على الجيوش الصليبية وهو الأمر الذي شكل صدمة كبرى للعالم المسيحي في ذلك الوقت ومن أبرز النتائج التي أسفرت عنها هذه المعركة:

  • تكبدت القوات الصليبية خسائر جسيمة حيث فقدوا عشرات الآلاف من المقاتلين بين قتيل وأسير وجريح إذ قُتل أكثر من ثلاثين ألف جندي في حين وقع عدد مماثل تقريبًا في الأسر ما أدى إلى انهيار الروح المعنوية لديهم وفقدانهم جزءًا كبيرًا من قوتهم العسكرية.
  • تمكن صلاح الدين من استعادة بيت المقدس إلى جانب عدد من المدن الاستراتيجية مثل صيدا وعكا ويافا وبيروت وعسقلان وطرابلس وقيسارية مما أدى إلى عزل القوات الصليبية في المنطقة عن أي تعزيزات قادمة من أوروبا وذلك بالتنسيق مع أخيه الملك العادل.
  • تولى صلاح الدين بنفسه عملية أسر ملك القدس إلى جانب عدد من الأمراء الذين بلغ عددهم قرابة مئة وخمسين مقاتلًا وكان من بين الأسرى رينو دي شاتيون الذي كان له دور رئيسي في إشعال فتيل الحرب بسبب اعتداءاته المتكررة على القوافل الإسلامية.
  • صدر أمر مباشر من صلاح الدين بإعدام أرناط “رينو دي شاتيون” بعدما استذكر وحشيته واعتداءاته المتكررة فعند تقديم ملك القدس له الماء رفض صلاح الدين العفو عنه وقام بقتله بنفسه ليكون ذلك تنفيذًا للعدل وردًّا على انتهاكاته السابقة.
  • تبع هذا الانتصار الكبير سقوط معظم القلاع والحصون الصليبية بيد المسلمين ولم يبقَ للصليبيين سوى بعض القلاع مثل كراك دي مونتريال والكرك التي تعرضت لحصار شديد فرضته القوات الأيوبية في سبتمبر من عام 1187 حتى تمكنوا من السيطرة عليها بالكامل ليصبح بيت المقدس والمناطق المحيطة به تحت الحكم الإسلامي.
  • أبدى صلاح الدين تسامحًا ملحوظًا مع الأسرى والمدنيين مقارنة بما فعله الصليبيون بالمسلمين حيث مرت مئة سنة على احتلالهم لبيت المقدس ارتكبوا خلالها مجازر راح ضحيتها أكثر من سبعين ألف شخص بين رجل وامرأة وطفل فضلًا عن عمليات التخريب والنهب التي طالت المساجد والأماكن المقدسة.
  • أصدر صلاح الدين قرارًا يسمح لمن يرغب بالرحيل من بيت المقدس بمغادرتها مقابل دفع فدية مالية حيث تم تحديد عشرة دنانير للرجال وخمسة دنانير للنساء ودينار للأطفال مع منح السكان مهلة أربعين يومًا لتسوية أوضاعهم قبل مغادرة المدينة.

الصفات البارزة للقائد صلاح الدين الأيوبي

عند الحديث عن معركة حطين، لا يمكن إغفال دور القائد صلاح الدين الأيوبي، ذلك القائد الفذ الذي قاد المسلمين إلى نصر عظيم تمثل في استعادة القدس والمدن التي كانت في قبضة الصليبيين، واسمه الكامل:

  • يوسف بن أيوب بن شاذي، وقد عُرف باسم صلاح الدين، ولقب بأبي المظفر، كما حمل لقب الملك الناصر.
  • يُعد واحدًا من كبار قادة المسلمين وحكامهم، ولد في مدينة تكريت وينتمي إلى قبيلة الهذانية.
  • أصله يعود إلى والده الذي كان من قرية دوين الواقعة شرق أذربيجان، فيما عاش صلاح الدين بين بغداد ودمشق.
  • نشأته كانت في دمشق حيث تلقى علومه، ودرس الفقه والأدب، مما أسهم في تشكيل شخصيته القيادية.
  • تميز بذكاء حاد وحكمة فريدة، وكان يمتلك مزيجًا من التواضع ولين القلب مع الحزم في القيادة العسكرية والسياسية.
  • لم تقتصر جهوده على ميادين القتال، بل عمل على إصلاح الأوضاع الداخلية، فاهتم بتقوية مصر والشام، وفي الوقت ذاته كان مستعدًا دومًا لمواجهة الحملات الصليبية المتكررة، إلى أن جاءت معركة حطين التي غيّرت مجرى الأحداث، ومهدت لتحرير القدس واستمرار هيمنته على المنطقة.

تُعد هذه المعركة إحدى العلامات الفارقة في التاريخ الإسلامي، إذ سطر من خلالها الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي اسمه بحروف من نور، وأعاد للمسلمين بيت المقدس، رافعًا راية النصر وسط ابتهاج العرب والمسلمين.

إيمان محمد محمود، خريجة تكنولوجيا التعليم والمعلومات ، أعمل مدرب حاسبات ونظم، كاتبة مقالات في العديد من المواقع ، متخصصة في الأدعية والاخبار السعودية علي موقع كبسولة ، للتواصل معي capsula.sa/contact_us .

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات
0
اكتب تعليقك او استفسارك وسنرد عليك في أقرب وقت بمشيئة الله تعالىx
()
x