تُعدّ مهنة الفِلاحة واحدة من أقدم المهن التي اعتمد عليها الإنسان عبر العصور ولا تزال إلى اليوم من الركائز الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها فهي التي توفر الاحتياجات الغذائية من الخضروات والفواكه والحبوب بمختلف أنواعها، كما أن العناية بالأرض وزراعتها تُشكّل العامل الأهم في ضمان استمرارية الإنتاج الزراعي مما يجعل الفلاح جزءًا جوهريًا لا غنى عنه في الدورة الاقتصادية والاجتماعية حيث يؤدي دورًا رئيسيًا ومؤثرًا في المجتمعات كافة.
العناصر
- نظرة شاملة حول أهمية الفلاح في الحياة اليومية ودوره في توفير الاحتياجات الأساسية.
- المساهمة الحيوية التي يقدمها الفلاح في تطوير المجتمع وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
- المهام التي يؤديها الفلاح بشكل يومي لضمان استمرار العملية الزراعية وتعزيز الإنتاج.
- المهارات والصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها الفلاح ليتمكن من أداء عمله بكفاءة.
- الأدوات الزراعية والمعدات التي يعتمد عليها الفلاح في الحقل لتسهيل مهامه وتحقيق أفضل النتائج.
- ختام يتناول أهمية استمرار دور الفلاح في المجتمع وضرورة تقدير جهوده للحفاظ على التنمية الزراعية.
تمهيد حول دور الفلاح في التنمية
تلعب كل مهنة دورًا محوريًا يُميزها عن غيرها حيث تُسهم جميعها في تكامل المجتمع وتلبية متطلباته المختلفة قد يظن البعض أن هناك وظائف بسيطة لا تُحدث تأثيرًا واضحًا لكن عند التعمق أكثر نجد أنها تُشكّل أساسًا رئيسيًا لنهضة المجتمعات مثل مهن الحداد والنجار وعامل النظافة والفلاح.
وعند التركيز على مهنة الفلاح ندرك مدى أهميتها كونه يُمثل العمود الفقري في تأمين الاحتياجات الغذائية للناس وإنتاج المحاصيل الزراعية التي يعتمد عليها الأفراد بشكل يومي فهو لا يقتصر دوره على الزراعة فقط بل يُسهم في استدامة الأمن الغذائي وتعزيز الاقتصاد الزراعي مما يجعل دوره لا غنى عنه في أي مجتمع.
إسهامات الفلاح في تعزيز الاقتصاد المجتمعي
يعمل الفلاح على تهيئة بيئة مناسبة لنمو الطيور والحيوانات مما يؤدي إلى تحسين إنتاجها، وذلك من خلال زراعة الأشجار والمساحات الخضراء التي توفر لها الغذاء الضروري مثل الأزهار التي تعد مصدرًا أساسيًا لتغذية النحل والذي يعتمد عليها في إنتاج العسل.
- يلعب دورًا مهمًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة عبر زراعة مجموعة واسعة من المحاصيل، مما يساهم في تقليل الحاجة إلى الاستيراد من الخارج.
- يساهم في توسيع المساحات الخضراء داخل الدولة، الأمر الذي يعزز الجوانب الجمالية والصحية ويوفر بيئة طبيعية أكثر توازنًا.
- يساعد في تعزيز السياحة الزراعية، خصوصًا في المناطق التي تتمتع بمساحات خضراء شاسعة ومناظر طبيعية هادئة حيث تجذب الباحثين عن الاستجمام بعيدًا عن ضوضاء المدن.
- يساهم في استصلاح الأراضي الزراعية مما يخلق بيئة أكثر صحة للإنسان والحيوان حيث تعمل الأشجار والنباتات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتنقية الهواء.
- يوفر فرص عمل ويساهم في خفض معدلات البطالة نظرًا لحاجته إلى مساعدين في عمليات الزراعة مثل قطف الثمار، تعبئتها ونقلها إلى الأسواق.
- يشكل عنصرًا حيويًا في دعم الاقتصاد الوطني إذ تُعتبر الزراعة من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها اقتصادات العديد من الدول.
- يعزز تدفق العملات الأجنبية مثل الدولار خصوصًا عند تصدير محاصيل زراعية نادرة أو غير متوفرة في بعض الدول مما يجعلها تلجأ إلى استيرادها.
الواجبات الأساسية التي يؤديها الفلاح
يَقوم الفلاح بالاعتناء بالأرض وتجهيزها بالشكل المناسب للزراعة حتى تكون جاهزة لإنتاج محصول جيد ويَجب عليه اختيار البذور بعناية وفقًا لمعايير محددة لضمان جودة الإنتاج الزّراعي، ويحتاج أيضًا إلى شراء المعدات الزراعية التي تتناسب مع طبيعة الأرض مع الحرص على صيانتها بشكل دوري للحفاظ عليها بحالة جيدة.
يمثل ري المزروعات أحد العوامل الأساسية في نجاح الزراعة بالإضافة إلى التسميد بالطريقة الصحيحة واستخدام المبيدات الحشرية المناسبة لحماية المحصول من الآفات الزراعية، وعند حلول موسم الحصاد يَجب جمع المحصول وتحضير الثمار لتسويقها سواء في الأسواق المحلية أو تصديرها للأسواق العالمية وبجانب عمله في الزراعة يهتم الفلاح برعاية المواشي والعناية بها إلى جانب تربية الدواجن والبط وحتى النحل للاستفادة منها في الإنتاج الزّراعي والحيواني.
السمات التي يتميز بها الفلاح الناجح
الفلاح الماهر يمتلك مجموعة من الصفات التي تجعله متفوقًا في مجاله، فالعمل في الزراعة مع مرور الوقت يكسبه مهارات وخبرات تميزه عن غيره ممن يعملون في مجالات أخرى ومن هذه الصفات:
- الصبر: هذه من أبرز الصفات التي يجب أن يتمتع بها الفلاح، فالزراعة تحتاج إلى فترة طويلة قبل أن يرى نتائج جهده حيث إنه بعد زراعة المحصول يمر بعدة مراحل حتى يصل إلى مرحلة الحصاد، فمثلًا إذا قام بزراعة القمح فإنه يحتاج إلى مدة تتراوح بين خمسة إلى ستة أشهر حتى يصبح جاهزًا للحصاد وخلال هذه الفترة يكون مطالبًا بالعناية به والاهتمام بكل التفاصيل لضمان أفضل إنتاج.
- القوة البدنية: العمل في الزراعة يتطلب مجهودًا جسديًا مستمرًا، فالفلاح بحاجة إلى بنيان قوي يمكنه من إنجاز المهام اليومية التي تشمل حراثة الأرض باستخدام الأدوات اليدوية ونقل أوعية الماء لري الزرع، بالإضافة إلى حمل ونقل المحصول بعد نضوجه إلى أماكن تخزينه كما أن عملية الحصاد تحتاج إلى حركة متواصلة وتجهيز الأدوات اللازمة لجمع الثمار في الوقت المناسب.
- النشاط: الفلاح يبدأ عمله في وقت مبكر جدًا من اليوم، فمن الضروري سقي المحصول في الساعات الأولى من الصباح قبل أن ترتفع درجات الحرارة وذلك حتى تستفيد النباتات من الماء بشكل جيد وتقل نسبة تبخره عند اشتداد حرارة الشمس وقت الظهيرة، وهذا يساعد على الحفاظ على رطوبة التربة ويُسهم في نمو المزروعات بصورة صحية.
- الإصرار والعناية: متابعة المحصول بشكل مستمر من الأمور الأساسية في الزراعة، فلا يقتصر دور الفلاح على زراعة الشتلات أو البذور وتركها فحسب بل يجب أن يكون على دراية بحالة الطقس وتأثيرها على محاصيله كما يجب عليه اتخاذ التدابير اللازمة لحماية زرعه من التغيرات المناخية المفاجئة التي قد تهدد المحصول.
- عند انخفاض درجات الحرارة يلجأ إلى وسائل متعددة لحماية المزروعات من الصقيع مثل استخدام الدخان لمنع تجمد النباتات كما يحرص على تقوية البيوت البلاستيكية لضمان مقاومتها للرياح الشديدة والأمطار الغزيرة، فالإهمال في هذه الجوانب قد يؤدي إلى خسارة المحصول بالكامل.
- المتابعة المستمرة: الفلاح لا يكتفي بمراقبة الزرع من حين لآخر بل يكون دائم التواصل مع أرضه، يتحقق من نمو المحاصيل بشكل منتظم يعتني بكل مرحلة من مراحل نموها، ولا يقوم بجنيها إلا عندما تصل إلى أفضل مستويات النضج للحصول على إنتاج عالي الجودة.
المعدات المستخدمة في مهنة الفلاح
يعتمد الفلاح على مجموعة من الأدوات التي تساعده في إنجاز مهامه الزراعية بكفاءة حيث تنقسم هذه الأدوات إلى نوعين؛ التقليدية التي استخدمت منذ القدم والحديثة التي جاءت لتخفف الجهد والوقت وهنا سنتعرف على أبرز الأدوات التي يستعين بها الفلاح في عمله.
الأدوات التقليدية:
- المجرفة: تُعرف أيضاً باسم الرفش وهي أداة يستعملها الفلاح عند الحفر أو نقل المواد المتراكمة على سطح التربة، مثل الحصى والرمال والتربة والفحم حيث تُعد من الأدوات الأساسية في العمل الزراعي.
- الفأس والمنكوش: كان لهما استخدامات مختلفة عبر العصور لكنها تمثل اليوم جزءاً لا غنى عنه في عمل الفلاح عند قلب التربة وتحضير الأرض للزراعة، كما تُستخدم أيضاً في حفر مجاري الري وجمع الحطب وتقطيع الأشجار.
- مشط الأرض: يتميز بأسنان معدنية طويلة وحادة تعتمد وظيفته الرئيسية على تنظيف الأرض من الحجارة والنباتات الضارة إذ يسهل عملية تحضير التربة ويجعلها جاهزة للزراعة.
- الشعوب: تتكون من عصا خشبية بنهايتها أربعة رؤوس حديدية تُستخدم في جمع المحاصيل قبل إدخالها إلى آلات الدراس وتعد من الأدوات الأساسية خلال موسم الحصاد خاصة عند جمع القمح والشعير.
- المنجل والحشيشة: يعتمد الفلاح على هذه الأدوات عند قص المحاصيل الطويلة مثل القمح والشعير حيث يتم استخدامها أثناء الوقوف أو الجلوس بحسب طبيعة العمل وتلعب دوراً كبيراً خلال موسم الحصاد.
الأدوات الحديثة:
- المحراث الآلي: سهل على الفلاح عملية حرث الأرض دون الحاجة إلى الاعتماد على الحيوانات مثل الثيران والحمير الأمر الذي ساهم في تحسين الإنتاجية وإنجاز العمل في وقت أقل وجهد أقل.
- ماكينة الحصاد: أحدثت هذه الماكينة نقلة نوعية في العمل الزراعي حيث رفعت من كفاءة عملية الحصاد من خلال تقليل الاعتماد على الأيدي العاملة فهي تعمل على جمع المحصول وفرزه بدقة عالية.
ختام البحث حول أهمية الفلاح
يُعَدُ الفَلَّاحُ أحدَ العامِلينَ الَّذينَ تَتَطَلَّبُ مِهنتُهُم جَهدًا كَبيرًا وَإصرارًا وَعَزيمةً لِتحقيقِ إنتاجٍ زِراعيٍّ ذي جَودةٍ مُرتَفِعَةٍ وَتَوفيرِ مَصادِرِ غِذاءِ نَظيفةٍ وَمُغذِّيَةٍ لِلمُجتَمَعِ ، كَما يُعَدُّ عَمودًا فِقَريًا لِتَقدُّمِ الدُّوَلِ وَتَحقيقِ اكتِفائِها الذَّاتِيِّ في القِطاعِ الزِّراعِيِّ مَتى ما تَمَّ تَوفِيرُ كافَّةِ العَوامِلِ الدَّاعِمَةِ لَهُ لِيُنتِجَ بِأفضَلِ الطُّرُقِ وَالأسَالِيبِ المُتاحَةِ.
لِذَلِكَ تُعَدُّ مُهِمَةُ الدَّولَةِ أَسَاسِيَّةً فِي دَعمِ الفَلَّاحِ وَتَزوِيدِهِ بِالأَدَواتِ وَالمُستلزَمَاتِ الضَّرُورِيَّةِ لِتَحسِينِ إنتَاجِهِ وَتَطوِيرِ مِهنَتِهِ ، وَكَمَا أَنَّهُ مِنَ الضَّرُورِيِّ مَنحُ الفَلَّاحِ قَيمَتَهُ الحَقِيقِيَّةَ وَالاعتِرافُ بِدَورِهِ المُهِمِّ فِي دَعمِ الاقتصادِ وَضَمانِ استِمرَارِيَّةِ الإنتاجِ الزِّراعِيِّ وَتَقدِيرُ الجُهُودِ الَّتي يُبذِلُهَا فِي خِدمَةِ المُجتَمَعِ وَتحقِيقِ الاستِقرارِ الغِذَائِيِّ.