يُعَدُّ ظهورُ قومِ يأجوجَ ومأجوجَ من العلاماتِ الكبرى التي تشيرُ إلى اقترابِ يومِ القيامة وقد جاء ذكرُهم في الديانات السماوية الثلاث: الإسلامِ والمسيحيةِ واليهوديةِ حيث يخرجونَ إلى العالمِ بعدَ ظهورِ المسيحِ الدجالِ وظهورِ المهدي المنتظرِ ونزولِ نبيِّ اللهِ عيسى عليه السلام يتمتّعونَ بقدرةٍ عظيمةٍ وبطشٍ شديدٍ ويسيرونَ في الأرضِ ناشرينَ الفسادَ والخرابَ في كلِّ مكانٍ يصلونَ إليه.
من هُم يأجوج ومأجوج وفق الروايات التاريخية
يُروى أن قوم يأجوج ومأجوج عاشوا في عهد مَلِك عادِل يُدعى ذو القَرنَين، وهو ملك جاب مشارق الأرض ومغاربها ناشرًا العدل مُعينًا للناس الذين يطلبون المساعدة.
وخلال تنقلاته بَلَغ مكانًا يقطنه قوم يُعانون من أذى يأجوج ومأجوج حيث كانوا قومًا معروفين بكثرتهم الهائلة وبطشهم الشديد وإفسادهم في الأرض دون أن يكون هناك قوة تَكبح جماحهم أو تَصد شرّهم عن الناس.
وعندما رأى ذو القرنين ما يُعانيه هؤلاء القوم قرر أن يُقيم سدًا عظيمًا يُحكم إغلاق الطريق بين الناس ويأجوج ومأجوج فجاء هذا السد مصنوعًا من الحديد المُذاب ممزوجًا بالنحاس ما جعله شديد القوة بحيث لا يُمكن التسلق عليه أو إحداث أي خَرق فيه.
لكن حين يأذن الله سبحانه وتعالى سيَنهَدّ هذا السد وسيندفع يأجوج ومأجوج إلى الأرض مرة أخرى ولا يعلم أحد موقع هذا السد على وجه التحديد سوى الله عز وجل كما أن أوصافهم الحقيقية تظل مجهولة غير أن الروايات تُشير إلى أنهم قوم يتّسمون بكَثرتهم العظيمة وقُدرَتهم الهائلة على التخريب والإفساد.
دراسة حول صفات يأجوج ومأجوج وأثرها في الموروث الثقافي
ما زال الحديث مستمراً حول يأجوج ومأجوج، هؤلاء القوم الذين اشتهروا بقوتهم الهائلة وأعدادهم الغفيرة فقد ورد عن النبي ﷺ قوله: (لا يَمُوتُ رَجُلٌ مِنْهُمْ حتى يُولَدَ لِصُلْبِهِ ألْفُ رَجُل) مما يدل على كثافة أعدادهم واستمرار تكاثرهم دون توقف.
أما فيما يتعلق بأشكالهم فقد ورد في الروايات أنهم ينقسمون إلى ثلاث فئات فهناك من يتميزون بطول شاهق يشبه طول أشجار الأرز بينما الفئة الثانية يكون فيها الطول متساوياً مع العرض أما الفئة الثالثة فتتميز بآذان ضخمة إلى حد يسمح لأحدهم بأن يستلقي على إحداها ويتغطى بالأخرى.
رصد تاريخي لخروج يأجوج ومأجوج وعلاماته وفق المصادر المختلفة
عند الحديث عن يأجوج ومأجوج فإن خروجهم من خلف السد وقيامهم بهدمه يحدث بعد انتهاء المعركة مع المسيح الدجال حيث ينطلقون لينتشروا في الأرض مفسدين كل ما يقع أمامهم وذلك بسبب قوتهم الهائلة وأعدادهم الضخمة فلا يستطيع أحد التصدي لهم إذ يجتاحون كل ما يعترض طريقهم دون أن يتركوا أثرًا للحياة سواء كان نباتًا أو عمرانًا.
في تلك اللحظة يوحي الله سبحانه وتعالى إلى نبيه عيسى عليه السلام بأن يأجوج ومأجوج قد خرجوا وبدأوا في الإفساد بالأرض متوجهين في جميع الاتجاهات مما يدفع عيسى عليه السلام للجوء مع المؤمنين إلى جبل الطور حيث يجدون هناك ملاذهم الآمن تحت حفظ الله ورعايته فيحتمون بهذا المكان من هذا الخطر الداهم.
نظرة تحليلية حول يأجوج ومأجوج في المعتقدات والتاريخ
يُعَدُّ قوم يأجوج ومأجوج من أكثر الأقوام الذين نُسب إليهم الفساد في الأرض فهم حين يظهرون يُفسدون كل ما يجدونه دون قدرة أحد على التصدي لهم ويلجأ المؤمنون إلى الاحتماء في حصونهم لعدم امتلاكهم وسيلة تُمكنهم من مواجهة هذا الطوفان البشري الجارف تسير جحافلهم عابرة للسهول والأنهار دون أن تترك خلفها أي أثر للحياة حتى إنهم إذا مروا على نهر استنزفوا مياهه بالكامل إلى درجة أن من يأتي بعدهم يُفاجأ بأن الماء قد اختفى كما جاء في الأحاديث النبوية وهذا الأمر يعكس مدى ضخامة أعدادهم بطريقة تفوق التصور.
ومع هذا الانتشار المهول لا يكون هناك قوة قادرة على ردعهم لكن الله سبحانه وتعالى يُرسل عليهم آفة تقضي عليهم حيث يخرج دود من أعناقهم فيُهلكهم عن بكرة أبيهم فيتحولون إلى جثث تغطي الأرض بالكامل وعندما ينزل المؤمنون بعد زوال خطرهم يجدون الأرض قد امتلأت بأجسادهم.
ثم تتدخل قدرة الله مُنزلةً مطرًا غزيرًا ليطهر الأرض من آثارهم فتعود البركة وتبدأ الحياة في الازدهار من جديد مما يُظهر أن النهاية وإن تأخرت تظل بيد الله وحده وهو القادر على محو الفساد وإحياء الأرض بعد موتها.