مادة الورق تحتل مكانة أساسية في جميع متطلبات الحياة اليومية فهي مستخدمة في المنشآت التعليمية والمكاتب والدوائر الحكومية ومجمل استخدامات الأفراد المتكررة ولكن يجب الوقوف أمام تحدٍّ أساسي وهو أن صناعة الورق تستنزف كميات هائلة من الأشجار والتي يستغرق استبدالها وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا مما يؤدي إلى أثر بيئي سلبي خصوصًا في ظل التوسع العالمي في استهلاك الموارد الطبيعية.
من هذا المنطلق تبنّينا طرح مشروع يمتزج فيه الهدف البيئي بالعائد الاقتصادي واعتمدنا على نظرة استراتيجية تعيد فهم مفهوم التعامل مع الورق المستهلك فكان الاقتراح المباشر يتمثّل في بدء مشروع قائم على إعادة تدوير الورق من خلال نظام عمل يُمكن من الاستفادة من الأوراق التالفة وتحويلها إلى منتجات نافعة وصديقة للبيئة وتظهر الفكرة كخطوة واقعية للانتقال من مرحلة الاستهلاك الفردي غير المجدي إلى حل منظم يُدرّ الدخل ويُوفر الفرص.
في نطاق دراسة الجدوى تركز الاهتمام على مكونات خطوة الإطلاق وتحديد الأهداف التشغيلية ورسم السيناريوهات الموجودة في إطار واقعي ويشمل ذلك وضع خطة تسويقية فعالة وتحديد التكاليف التقديرية والتحليل المالي للعوائد وكل التحديات التي قد تواجه المشروع في سوق يزداد فيه الطلب على الحلول البيئية ويتطلب الكفاءة والانضباط في الإنتاج والخدمة.
الموقع الجغرافي والمساحة اللازمة لتنفيذ المشروع
عند تحديد موقع إقامة مصنع لتدوير الورق يُفترض مراعاة عدة عوامل مؤثرة لأن الموقع يُشكّل عاملًا رئيسيًا في مدى استقرار المشروع وتحقيق أهدافه التشغيلية لذلك يُوصى بتحديد موقع داخل نطاق المناطق الصناعية كونها مناطق مُعدة ومخصصة لاستيعاب هذا النوع من المشاريع حيث توفر البنية التحتية الداعمة والخدمات الضرورية وتقل فيها القيود المتعلقة بالتراخيص والموافقات اللازمة للتشغيل.
الاستثمار داخل منطقة صناعية يمنح المشروع أفضلية من حيث الخدمات اللوجستية وتكاليف التشغيل كما أن الدولة تقوم بطرح هذه المناطق بخياراتٍ مختلفة تيسّر على المستثمرين الجدد الانخراط في النشاط الصناعي وإيجاد حلول تمويلية تتوافق مع قدراتهم مما يُتيح فرصة انطلاق أكثر استقرارًا واستمرارية.
وفيما يتعلق بالمساحة فيجب عدم تجاهل أهمية تخصيص مساحة لا تقل عن 100 متر مربع لضمان احتواء المعدات والآلات التشغيلية والتنقل بينها بانسيابية دون حصول تكدس يُؤثر في سير العمل أو سلامة المعدات لذلك فإن هذه المساحة تُعد الحد الأدنى المقبول لبداية عمليات الإنتاج بكفاءة.
الاحتياجات الأساسية والمتطلبات الفنية اللي يحتاج لها مشروع إعادة تدوير الورق
لِكي يَتحقق نجاح مشروع إعادة تدوير الورق ويَعمل بكفاءة تُناسب طبيعة مراحله المختلفة، لا بُد من توفّر مجموعة من العناصر الأساسية التي تُعد حجر الأساس في تنفيذ عملية التدوير بالشكل المطلوب:
- الاعتماد في المقام الأول يكون على جمع كميات كبيرة من الورق المُستخدم سابقًا، بحيث تُشكّل هذه النسبة ما يُقارب 80% من المواد الأولية الداخلة في عملية الإنتاج.
- تأمين نحو 18% من لب الخشب يُعتبر مطلب أساسي، ويُفضّل أن يكون هناك مزج بين الألياف القصيرة والطويلة بما يُسهم في تعزيز جودة المُنتج النهائي ويُعطي توازن في خصائص الورق.
- الماء يُعد من المكونات الجوهرية التي يُستند إليها في هذا النوع من المشاريع، إذ يَدخل في مراحل متعددة كالغسل والعجن والتحويل، لذا لا بد من ضمان توفر كميات وفيرة منه.
- توفر مواد تنظيف كيميائية مُخصصة للتعامل مع الورق المُستهلك، أمر لا غنى عنه، لأنها تلعب دور محوري في إزالة الشوائب والتخلص من الدهون المتراكمة داخل الألياف.
- محلول الشبة يُستخدم بنسبة تقارب 12%، ويكتسب أهميته من كونه يُساعد على ترسيب المواد وتحقيق الصلابة المطلوبة أثناء مراحل إعادة تشكيل الورق من جديد.
- ماكينة خاصة بفرم الأوراق، تُعد من المعدات الأساسية في المشروع، ويَشترط أن تكون قادرة على تقطيع الأوراق إلى قطع صغيرة لتمهيدها للخلط والمعالجة.
- وجود حوض غسيل كبير من المتطلبات التي لا يمكن تجاوزها، بحيث يُستخدم في فصل الورق عن المواد العالقة به وغسله جيدًا من الأتربة أو العناصر الغريبة.
- عجان الورق يشكّل جزءًا عمليًا وهامًا في العمليات الفنية للمشروع، حيث يَدمج الورق مع المواد الكيميائية المُضافة ويُهيّئ العجينة للوصول إلى مستوى القوام الذي يحتاجه المُنتج.
- مكبس الورق يُستخدم لتشكيل الصفائح الورقية، ويُحدد السُّمك حسب متطلبات الإنتاج، سواء لأوراق خفيفة الاستعمال أو ثقيلة الاختصاص.
- ماكينة العصر تلعب دورًا إضافيًا في فصل الماء الزائد بعد الخلط وقبل مرحلة التجفيف، مما يُسهم في تحسين قوام الورق وتسهيل نقله إلى الخطوة التالية.
- وجود مصدر بخار مستمر أمر ضروري لتوليد الحرارة المطلوبة خلال عملية تجفيف الورق، ويُعد من العوامل المؤثرة على نعومة وسطح المنتج النهائي.
تحديد عناصر العمالة المطلوبة لمشروع إعادة تدوير الورق
يُراعى عند التأسيس لمشروع إعادة تدوير الورق تحديد نوع الأعمال التي تريد تنفيذها فعليًا لأن هذا النوع من الأنشطة لا يشترط وجود عدد كبير من العاملين في بداية التشغيل وبالتالي من الممكن في المرحلة الأولية أن تُدير المشروع بنفسك وتقوم بالمهام الرئيسية حتى يتوسع النشاط ويتطلب دعمًا إضافيًا.
لكن في حال توفر رأس مال يُغطي تعيين كوادر مختصة فمن الأنسب تعيين عامل يكون مُلم بتشغيل كل آلة ومُدرب على آلية الصيانة الدورية لها لأن وجود فنيين ذوي مهارة يُساهم في تقليل الأعطال ويرفع نِسَب الإنتاج ويُقلل التلف الناتج من الأخطاء التشغيلية.
وفي نفس الوقت وجود فريق نظافة أمر أساسي لا يمكن الاستغناء عنه لأن النظافة المستمرة تُساعد في استمرار الحركة التشغيلية دون إرباك وتمنع تراكم بقايا الورق والمُخلفات الصناعية التي عادةً ما تُعيق حركة العمل وتتسبب في مشاكل صحية وسلوكية داخل الموقع.
آليات التسويق والترويج لمشروع إعادة تدوير الورق
- يُفضّل إنشاء نُقطة بيع مخصصة يتم من خلالها عرض منتجات الورق المُعاد تدويره واختيار موقع يسهل على العملاء الوصول إليه ويكون بارزًا ضمن المناطق التي تشهد حركة نشطة لتحقيق تفاعل مباشر بين المشروع والجمهور المستهدف.
- يُنصح بتوسيع نطاق الاتصال مع المحلات التي تعتمد بشكل دائم على الورق مثل المكتبات والمحاسبة لأنهم من الفئات الأكثر استخدامًا وهذا النوع من التعاون يُسهم في تعزيز الطلب الثابت على المنتج.
- يمكن إبرام اتفاقات واضحة مع مراكز تصوير الوثائق لتوريد الورق المعاد تدويره بشكل منتظم مع تقديم عروض تسعير جذّابة لتحفيزهم على الاستمرار في الشراء مما يدعم ثبات العوائد المالية للمشروع.
- يُراعى التواصل المباشر مع القائمين على المطابع مثل مطابع الصحف أو المجلات أو الكتب وعرض توريد كميات بالجُملة بأسعار تتناسب مع الاستخدام التجاري لضمان توفير الاحتياج المستمر لديهم من مادة الورق.
- من الخيارات الناجحة تحويل الورق المُعاد تدويره إلى أدوات مدرسية وتعليمية مثل الكراسات والدفاتر واختيار خامات ذات جودة جيدة وطرحها بالأسواق عبر المكتبات التجارية أو المعارض المحلية لزيادة فرص الوصول إلى الفئات المستهدفة كطلاب المدارس أو العاملين في القطاعات الإدارية والتعليمية.
